“السلام مقابل الحرب”، بهذه العبارة الموجزة لخص الكاتب الإسرائيلي بي مايكل ما تريده دولة الاحتلال من حروب ظلت تشعلها في الأراضي الفلسطينية منذ 80 عاما.
ووردت هذه العبارة في متن مقاله بصحيفة هآرتس تعليقا على استشهاد أكثر من 100 فلسطينيي في مجزرة ارتكبها الجيش الإسرائيلي إثر استهدافه خيام نازحين، السبت الماضي، بمنطقة المواصي في خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وأكد المكتب الحكومي أن من بين ضحايا المجزرة أفرادا وضباطا من الدفاع المدني.
وبأسلوب ساخر أقرب ما يكون إلى أنماط الكوميديا السوداء، استهل مايكل مقاله مشيرا إلى مجزرة السبت، حيث قال إن 100 فلسطيني “تبرعوا بأجسادهم من أجل أن تبقى مؤخرة بيبي ملتصقة بكرسيِّه المصنوع من جلد الغزال”، كناية عن تشبث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “الملقب بالملك بيبي” بالسلطة.
لكن الكاتب آثر أن يبدأ بقول الحقيقة، حسب تعبيره، وهي أن إسرائيل لم تكن دولة، لوقت طويل، بل “قاعدة عسكرية ولا شيء غير ذلك”.
وقال إن السؤال الحيوي الذي يشغل بال معظم سكان إسرائيل هو: من يتحمل العبء الأكبر في رفع المحفَّة ونقلها لكن لا يضيرهم كثيرا من هو المسجى على المحفة (النقّالة)، ومن هم أولئك “المطيعون” الذين يحملونها، وإلى أين يمضون بها؟ ويقصد هنا أفراد الدفاع المدني من مسعفين وغيرهم.
طائفتان
وألمح إلى أن الإسرائيليين ينقسمون إلى مجموعتين؛ إحداهما مكونة من أفراد “مدللين ومصدر إزعاج” قابعين هناك “لأنها مجموعة حصلت على الإذن والتمويل لتبقى خاملة كما يحلو لها” -وربما يقصد الكاتب بها طائفة الحريديم المتدينين التي كانت حتى وقت قريب معفاة من التجنيد.
أما المجموعة الثانية فهي تنتظر مجيء “المسيح المنقذ” في المعتقد اليهودي، مما يجعل الجميع يعيشون “تعساء” في انتظاره. “لماذا؟”، “لأن الله أمرهم بذلك، ويتحدث إليهم على الدوام”.
وفي سخرية لاذعة، هاجم مايكل النخب السياسية لأنها تعامل أفراد الشعب موردا للضرائب التي تُجبى منهم لتمويل سلطتها بما تنطوي عليه من بهرج وزخارف، وتدفعهم إلى الموت في الحرب أو أن يؤخذوا رهائن. “وبعد كل ذلك، إن عاجلا أو آجلا، ستحتاج الحكومة مرة أخرى إلى السذج الذين سيموتون في سبيلها، وإحياء للحرب المقدسة”.
الحقيقة المؤلمة
ويبدو أن لا أحد، وفقا للكاتب، يريد أن يخبر الإسرائيليين بالحقيقة “المؤلمة”؛ وهي أن “الحرب ليست وسيلة لتحقيق غاية ما.. بل الحرب نفسها هي النهاية”.
أما لماذا هي كذلك، فلأن السيطرة على بلد في حالة حرب سهلة للغاية، حسب تعبيره، “ثم إن كل شيء يتعلق بالحرب “مقدس للغاية، ومحرَّم” في إسرائيل، كما أن المعلومات عنها تُعد “سرية” ولا يمكن الإفصاح عنها “الآن” إلى أن تضع أوزارها، “لكن الحرب لن تنتهي أبدا، فهي حياتنا، ولا وجود لنا بدونها”، هكذا يرى الكاتب الأمور بسوداوية ظاهرة.
ولذلك، فهو يرمز إلى الحرب المستمرة منذ 80 عاما باسم واحد، وهو “السلام مقابل الحرب”.
واستهزأ الكاتب باستخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، حيث قال إن جيشنا ألقى 8 قنابل زنة كل واحدة منها طن وذلك لقتل رجل واحد و”ليعلم الجميع أنه يجوز قتل 100 شخص بريء من أجل اغتيال رجل واحد”، في إشارة إلى غارة يوم السبت التي زعم الاحتلال أنها كانت تستهدف محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).