مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، تفشل شبكات الطاقة في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد في التعامل مع المتطلبات والتحديات التي يفرضها تغيّر المناخ.
وتسلط الأحداث الأخيرة من ألبانيا إلى تكساس الضوء على ضعف شبكات الكهرباء، وتشير إلى الحاجة الملحة لإجراء تحسينات كبيرة على البنية التحتية العالمية في هذا النطاق.
الكويت والولايات المتحدة
وقالت وكالة بلومبيرغ إن دولا كثيرة تشهد انقطاعات هذا الصيف، حيث عانى السكان في الكويت من انقطاع التيار الكهربائي بشكل متواصل مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية.
وأعرب المسؤول السابق في وزارة الكهرباء والماء الكويتية فؤاد العون للوكالة، عن أسفه قائلاً: “لم يفهم أحد أهمية اتخاذ التدابير الوقائية. عليك أن تخطط لسنوات مسبقاً”.
واضطر مشغلو الشبكة في الكويت إلى إغلاق أجزاء من الشبكة لمنع انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل.
وفي السياق ذاته، واجهت بودغوريتشا عاصمة الجبل الأسود، انقطاعات في التيار الكهربائي، وقال ضابط الشرطة المتقاعد دراجو مارتينوفيتش: “بعد ساعة واحدة من دون كهرباء كنا على وشك الذعر، لأن الوضع أصبح لا يطاق”.
وأدى انقطاع التيار الكهربائي هذا -وفقا لبلومبيرغ- إلى تعطيل حركة المرور وتعطل الإنترنت وإطلاق إنذارات أمنية. وأُبلغ عن حوادث مماثلة على مستوى العالم، مما يشير إلى تزايد خطر انقطاع التيار الكهربائي.
وفي هيوستن الأميركية، انقطعت الكهرباء عن الملايين عقب إعصار بيريل، مع تفاقم الوضع بسبب الحرارة الشديدة.
وكانت كاليفورنيا وتكساس واجهتا تحديات كبيرة في مجال الشبكات الكهربائية. وشهدت كاليفورنيا انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي خلال موجات الحر الشديدة في الصيف في عامي 2020 و2022.
وانهارت شبكة تكساس في فبراير/شباط 2021 خلال عاصفة شتوية شديدة، مما أدى إلى مقتل 246 شخصًا وأضرار في الممتلكات تزيد عن 195 مليار دولار.
من الإكوادور إلى الهند
ومن الإكوادور إلى الهند، كشفت حالات انقطاع التيار الكهربائي الأخيرة عن التأثير الواسع النطاق لانقطاع التيار الكهربائي الناجم عن المناخ.
وشهدت الإكوادور أسوأ انقطاع للكهرباء منذ عقدين في يونيو/حزيران الماضي، مما أثر في ركاب مترو الأنفاق الذين اضطروا إلى السير عبر أنفاق غير مضاءة.
تشير تقديرات صندوق الطاقة الجديدة إلى أن هناك حاجة إلى 24.1 تريليون دولار لتحديث شبكات الطاقة العالمية لتحقيق أهداف صافي الطاقة بحلول عام 2050
وأصبحت محطة كوكا كودو سينكلير للطاقة الكهرومائية -التي تبلغ كلفتها 3 مليارات دولار وتزود البلاد عادة بنحو ربع حاجتها من الكهرباء- تشكل عائقاً مع اكتشاف أكثر من 7000 صدع في بنيتها التحتية، حيث أدى فشل المحطة الشهر الماضي إلى انقطاع إمدادات الكهرباء في البلاد بأكملها.
وتتعرض شبكة الكهرباء في المكسيك لضغوط شديدة بسبب فصول الصيف الأكثر حرارة وجفافا.
وفي تشيهواهوا المكسيكية، أدى انقطاع التيار الكهربائي في يونيو/حزيران إلى تعطل إمدادات المياه لأكثر من 70 ألف شخص لمدة أسبوعين.
وتعهدت الرئيسة المنتخبة كلوديا شينباوم بمبلغ 13.6 مليار دولار لبناء قدرات الطاقة المتجددة، ومحطات تعمل بالغاز، وخطوط نقل جديدة، وذلك على الرغم من أن تقديرات المحللين تشير إلى أن هناك حاجة إلى 38 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لتلبية الطلب المتزايد.
تحديات البنية التحتية
وقال تقرير بلومبيرغ إن درجات الحرارة المرتفعة تؤدي إلى زيادة الطلب على التبريد، وتقليل كفاءة الألواح الشمسية، والتسبب بتعطل المعدات الكهربائية.
ودعا رئيس الشبكة الوطنية في المملكة المتحدة جون بيتيغرو، إلى إنشاء “شبكة فائقة السرعة”، وهي شبكة ذات جهد أعلى تربط بين البلدان لإدارة هذه التحديات بشكل أفضل.
وتُعرّض أزمات المناخ شبكات الكهرباء لتهديدات مختلفة، بما في ذلك الفيضانات المفاجئة، وحالات الجفاف، وزيادة الطلب على التبريد أثناء درجات الحرارة الشديدة.
ويقول أستاذ الطاقة في جامعة تكساس بأوستن مايكل ويبر: إن”نظام الطاقة بأكمله بُني وصُمم في عصر مناخي واحد، والآن يُطلب منه العمل في عصر مناخي مختلف”.
وتشير تقديرات صندوق الطاقة الجديدة إلى أن هناك حاجة إلى 24.1 تريليون دولار لتحديث شبكات الطاقة العالمية لتحقيق أهداف صافي الطاقة بحلول عام 2050.
وتواجه الولايات المتحدة والصين بمساحاتهما الشاسعة واستخدامهما المرتفع للطاقة، أكبر الفواتير، ولكن لا يوجد أي بلد معفى من الحاجة إلى استثمارات الطاقة وفقا للوكالة.
دول عربية أخرى
يشار إلى أن دولا عربية عديدة تعاني هي الأخرى من انقطاعات للكهرباء، فمصر تعاني حاليا من نقص في الكهرباء في وقت أدت فيه موجة حارة إلى زيادة الطلب على وسائل التبريد، وتحتاج البلاد إلى استيراد غاز طبيعي وزيت وقود (مازوت) بقيمة تبلغ نحو 1.2 مليار دولار للقضاء على أزمة انقطاع الكهرباء.
كما تعاني دول مثل العراق ولبنان وسوريا من تراجع قياسي لإنتاج الكهرباء، مما أدى إلى انقطاعات متعددة تصل في بعض الأحيان إلى 20 ساعة في اليوم، بحسب ما أورد تقرير سابق للجزيرة نت.