غير مصنف

هكذا يعيد نتنياهو مفاوضات تبادل الأسرى إلى نقطة الصفر في كل مرة | أخبار

دأب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وضع العراقيل أمام كل مفاوضات لتبادل الأسرى مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وذلك بعد الاتفاق الأول والوحيد الذي تم أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ووفقا لتقرير تحليلي أعده صهيب العصا، فقد أصبح نتنياهو منذ ذلك الحين يتعمد وضع العراقيل أمام كل صفقة مطروحة حتى بات متهما بالعمل على منع تحول المفاوضات إلى اتفاق بين الجانبين.

وقد لجأ نتنياهو إلى أساليب متعددة لإفشال المفاوضات إما بإعلان واضح وإما بإصدار بيانات رسمية أو عبر تسريبات للصحافة الإسرائيلية.

تسريب بيانات لإفشال المفاوضات

ففي بداية مايو/أيار الماضي، نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن صحفيين أن نتنياهو يهاجم الوصول إلى صفقة لكنه يفعل ذلك دون الإعلان صراحة ومن خلال تسريب بيانات ضدها تحت غطاء مسؤول دبلوماسي مجهول الهوية.

ويستبق نتنياهو زيارات المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة بالتأكيد على أنه لن يقبل إلا بالنصر المطلق على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ما يعني الاستسلام من وجهة نظر الحركة التي ترفض هذا المنطق بشكل قاطع.

وفي خضم التحذير الدولي والأميركي من مغبة الدخول إلى مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، وبينما كان الوسطاء يسابقون الزمن للوصول إلى اتفاق، إذ دخلت الدبابات الإسرائيلية مع معبر رفح البري بين غزة ومصر مما أدى لنسف المفاوضات واستمرار القتال أكبر فيما غاب صوت المفاوضات.

وحتى عندما فاجأ الرئيس الأميركي جو بايدن الجميع بإعلانه خطة اتفاق من 3 مراحل، خرج مكتب نتنياهو ببيان قال فيه إن لدى رئيس الوزراء إصرار على عدم إنهاء الحرب إلا بعد تحقيق جميع أهدافها.

في ذلك الوقت، حاول نتنياهو إيهام الجميع بأن حكومة الحرب -التي كانت تضم معارضين كبارا وتم حلها لاحقا- متفقة على نفس الرأي وتصر على المضي قدما في تحقيق أهداف الحرب، وهو ما فجّر أزمة في إسرائيل وزاد من حدة الأصوات التي تتهم رئيس الوزراء بعدم الرغبة في التوصل لاتفاق يعيد الأسرى.

تضارب التصريحات

وبعد أيام قليلة من هذا الجدل، انسحب زعيم حزب معسكر الدولة بيني غانتس ورئيس أركان الجيش السابق غادي آيزنكوت من مجلس الحرب ونزلا إلى الشارع مع عائلات الأسرى من أجل الضغط على نتنياهو الذي سارع مكتبه لإصدار بيان يتهم حركة حماس برفض إبرام صفقة.

وبعد البيان، خرج نتنياهو لأول مرة في مقابلة مع الصحافة الإسرائيلية منذ بدء الحرب ليعلن قبوله صفقة جزئية تعيد بعض الأسرى الأحياء وتسمح لإسرائيل بمواصلة القتال حتى تحقيق هدفها الرئيس المتمثل في القضاء على حماس.

ومجددا، قلبت هذه التصريحات طاولة المفاوضات، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين في فريق التفاوض أن حديث رئيس الوزراء ألحق ضررا كبيرا بالمحادثات.

ورغم خروج نتنياهو مؤكدا التزامه بخطة بايدن فإنه في الوقت نفسه يؤكد وجود فجوات بين الجانبين. ومع تواصل القتال في مدينة رفح، عادت تحركات الوسطاء وتم الإعلان مطلع يوليو/تموز الجاري عن استئناف المحادثات في العاصمة القطرية الدوحة.

لكن نتنياهو استبق هذه الجولة أيضا بإعلانه شروطا قال إنه لن يتنازل عنها في أي اتفاق مرتقب ومن بينها السماح لإسرائيل بمواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها، وهو ما اعتبره مسؤولون إسرائيليون مطالبة لحماس بالاستسلام لا يمكن للحركة أن تقبل به.

وبعد عودة الوفد المفاوض من الدوحة، أعلن نتنياهو أن رئيس رئيس جهاز الموساد ديفيد برنيع -الذي ترأس وفد التفاوض- متفق معه تماما في المبادئ التي وضعها. لكن صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلت بعد ساعات فقط من هذا الإعلان أن برنيع “لم يكن متفقا بالكامل مع شروط نتنياهو”.

استغلال اليمين المتطرف

ووفقا للصحيفة، فإن رئيس الموساد يرى أن لإسرائيل الحق في العودة إلى القتال فقط ما لم تلتزم حماس بالاتفاق، وهي صيغة أكثر واقعية مما يشترطه نتنياهو.

وهكذا، تتزايد التحذيرات الإسرائيلية غير الرسمية من إفشال نتنياهو لكل جولة مفاوضات والتحول من الحديث عن النصر المطلق إلى إستراتيجية المفاوضات اللانهائية.

ويشير تحليل خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال الشهور القليلة الماضية إلى أنه يريد استمرار الحرب تحت مظلة التفاوض من أجل البقاء في السلطة وذلك من خلال ابتزاز حلفائه في الائتلاف الحكومي وخصوصا وزيري الأمن القومي والمالية المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

ويسعى نتنياهو من خلال هذا الابتزاز السياسي لإبقاء حكومته قائمة من جهة وللقول إن الحكومة -وليس هو- التي تتمسك بالإبقاء على حق إسرائيل بمواصلة الحرب من جهة أخرى.

ومع ذلك، فإن هيئة البث الإسرائيلية أكدت أن نتنياهو يقود المفاوضات منفردا وأنه يريد استمرارها لأطول فترة ممكنة ليتمكن الجيش من تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف العسكرية.

في المقابل، خرج المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري مؤكدا أن “حماس فكرة متجذرة في نفوس الناس وأن الحديث عن محوها عسكريا غير ممكن من الناحية العملية”، واصفا حديث القضاء على الحركة بأنه “ذر للرماد في عيون الإسرائيليين”.

ولم يقف هاغاري عند هذا الحد لكنه قال إن من يتحدث عن القضاء على حماس مطالب بإيجاد بديل لها، مضيفا أن “القيادة السياسية هي المسؤولة عن تحقيق هذا الأمر”.

وفي كل مرة تصل المفاوضات إلى صيغة متقاربة يخلق نتنياهو ما يفجر أزمة جديدة بفرض واقع جديد على الأرض أو بتصريحات يؤكد من خلالها الالتزام بتحقيق أهداف عسكرية يقول له الجميع إنها غير قابلة للتحقيق.

في الوقت نفسه، يتمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بفرض واقع جديد على الأرض لا يمكن معه أن تصل المفاوضات إلى نهاية بما يعكس رغبته في مفاوضات تعيد الأمور إلى نقطة الصفر في كل مرة.

وبينما يعلو صوت الشارع والجيش الإسرائيليين بضرورة التوصل لصفقة قبل فوات الأوان في حين يتمسك نتنياهو بمواصلة القتال وبقائه في رئاسة الحكومة.

 

الصحيفة العربية الأردنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى