ميلواكي- في الوقت الذي هيمن فيه حضور أصحاب الأصول البيضاء على المجتمعين في مؤتمر الحزب الجمهوري المنعقد بمدينة ميلواكي بولاية ويسكونسن، وُجدت أعداد قليلة من ممثلي الأقليات الأميركية المختلفة في فعاليات المؤتمر، ورصدت الجزيرة نت عددا محدودا من المشاركين العرب والمسلمين.
لكن وجود مسعد بولس، صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، في الجزء المخصص لكبار الشخصيات المهمة “في آي بي” (VIP)، ومباشرة خلف ترامب ونائبه جي دي فانس في ثاني أيام المؤتمر، أبرز الأهمية الكبيرة التي يوليها الحزب لجذب أصوات عرب ومسلمي أميركا، خاصة بعدما أصبح بولس منسقا عاما للعرب الأميركيين في حملة ترامب.
وكان مايكل مسعد بولس قد تزوج ابنة ترامب الصغرى تيفاني قبل عامين، ووالده رجل أعمال لبناني المولد، وله الكثير من المصالح الاقتصادية في غرب أفريقيا.
استغلال غضب الناخبين
لم يتردد الحزب الجمهوري في استغلال غضب عرب ومسلمي أميركا من سياسات الرئيس الحالي جو بايدن المؤيدة بصورة كاملة للجانب الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، والذي أدى لتدميره واستشهاد ما يزيد عن 40 ألف فلسطيني وإصابة 100 ألف آخرين، حيث يعمل حلفاء ترامب على كسب ود الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين غير الراضين عن سياسة بايدن.
ويقود مسعد بولس جهود حملة ترامب خلال الأشهر الأخيرة، ففي مايو/أيار الماضي سافر وابنه مايكل إلى ديترويت بولاية ميشيغان، مع مستشار السياسة الخارجية الرئيسي لترامب وسفيره السابق في ألمانيا ريتشارد غرينيل، للقاء مجموعة تقارب 40 ناشطا عربيا أميركيا جاؤوا من مختلف الولايات.
وتضم ميشيغان أكبر تجمع للأميركيين العرب في البلاد، حيث يوجد بها أكثر من 310 آلاف شخص من أصول عربية وفقا لتعداد 2020، وأدلى أكثر من 100 ألف ناخب ديمقراطي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بالولاية في فبراير/شباط الماضي بخيار “غير ملتزمين” بدلا من التصويت لصالح بايدن.
وأوضحت السيدة رولا ماكي، وهي أميركية محجبة من أصول لبنانية، ومندوبة بديلة من ولاية ميشيغان، أن أصوات عرب ومسلمي ميشيغان ستكون حاسمة في تحديد هوية الرئيس الأميركي القادم، وتقول “بعدما شاهدنا موقف إدارة جو بايدن من إسرائيل، أتصور أنه قد خسر بالفعل دعم الأغلبية الكبيرة من ناخبينا، وسيفوز ترامب بهذه الولاية”.
وتقليديا، تذهب أصوات ثلثي الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين للحزب الديمقراطي، إلا أن الحزب الجمهوري يأمل في جذب المزيد من أصواتهم، خاصة في بعض الولايات المتأرجحة، مثل ميشيغان وبنسلفانيا وجورجيا وأريزونا، ووفقا لاستطلاع حديث أجرته مؤسسة “زغبي” بتكليف من المعهد العربي الأميركي، فإن 79% من الأميركيين العرب لديهم وجهة نظر سلبية تجاه بايدن.
تودد الجمهوريين للمسلمين
وفي حديثها للجزيرة نت، ذكرت رولا ماكي، أنها “لا تشعر بأي غُربة بسبب كونها مسلمة ومحجبة وسط هذا الحشد الهائل من الجمهوريين في مؤتمر الحزب العام”.
وفي حديث آخر للجزيرة نت، أشار عبد الرحمن كامارا، أحد مندوبي ولاية مينيسوتا، أنه “كمسلم من أصول غرب أفريقية، لا يشعر إلا بكل ترحيب وود من المشاركين في المؤتمر الجمهوري”، وأضاف أن هويته الدينية وبشرته السمراء منحتاه أفضلية في كل شيء داخل منظومة الحزب الجمهوري، فلا يشعر إلا بالترحيب.
ويوضح أنه بسبب سمعة الحزب التاريخية في الابتعاد عن الأقليات، ومع التغيرات السكانية الضخمة التي تشهدها الولايات المتحدة، يقوم الحزب بجهود كبيرة لجذب أبناء الأقليات للانضمام لقياداته الجديدة، ويقول “أنا أحدهم، لقد ترشحت وتم انتخابي داخل المؤسسة الحزبية الجمهورية من أغلبية بيضاء”.
ثم تحدث كامارا عن ولاية مينيسوتا، وقال إنها لم تعد ولاية مضمونًا الفوز بها للديمقراطيين كما جرت العادة، فالفارق يضيق بسرعة، وأكد أنه مع “تغيير الكثير من العرب والمسلمين ولاءهم من الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري، خاصة الصوماليين منهم، يمكن أن يفوز ترامب بالولاية في انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل”.
في حين ذكرت السيدة رولا ماكي أن “قيم الحزب الجمهوري الاجتماعية والمحافظة في طبيعتها، أقرب لقيمنا نحن العرب والمسلمين، خاصة عند مقارنتها بسياسات الحزب الديمقراطي المنفتحة بلا حدود” وتوضح أن انتماءها للحزب الجمهوري يعود لقيمها المحافظة تجاه شكل العائلة التقليدي والالتزام الأخلاقي، “إضافة للمكون الديني القريب من قيمنا تجاه قضية الإجهاض وحقوق المرأة” حسب وصفها.
وأكدت السيدة رولا للجزيرة نت، أنها “لا تشعر إلا بالانتماء للحزب الجمهوري”، وأشارت إلى أنه تم انتخابها بأغلبية كبيرة على مستوى ولاية ميشيغان من قِبل جمهوريين رغم ارتدائها الحجاب.
ودافعت رولا وعبد الرحمن عن سياسة ترامب تجاه حظر دخول مواطني عدة دول مسلمة، وقالا إنه لا يوجد حظر على دخول المسلمين لأميركا، وإن ترامب كان يتحدث عن تشديد التدقيق على الأفراد القادمين من دول تشهد صراعات داخلية وفوضى، وانهيارا لأجهزة الدولة فيها.
مطالب بضمانات
لا تشير سياسات ومواقف ترامب إلى اختلاف كبير مع تلك التي يرفضها العرب الأميركيون من إدارة جو بايدن، خاصة تجاه عدوان إسرائيل على قطاع غزة، حيث سبق وأن انتقد ترامب بايدن لأنه “ليس مؤيدا قويا بما فيه الكفاية لإسرائيل”.
ويشكك الكثير ممن انخرطوا مع جهود الدكتور بولس للتواصل مع العرب الأميركيين، في تأثير هذه الجهود، وأشاروا إلى عدم وجود أدلة جوهرية تدعم التأكيد على أن ترامب هو المرشح الأفضل للأميركيين العرب.
إلا أنه وفي مقابلة له مع وكالة “أسوشيتد برس”، قال بولس إن ترامب “يحترم ومعجب” بالجالية العربية الأميركية، ونفى وجود “حظر على دخول المسلمين”، وهو ما يشير إليه العديد من معارضي ترامب، حيث جادل بولس بأنه كان في الواقع “فحصا شديدا من أجزاء معينة من العالم”.
ويؤكد بولس أن العرب الأميركيين إذا احتشدوا وراء ترامب، خاصة في ولايتي أريزونا وميشيغان المتأرجحتين، فسيكون لديهم “مقعد على الطاولة وصوت يسمع”.
وعلى النقيض يطلب قادة العرب الأميركيين من ترامب بيانا واضحا لا لبس فيه؛ أنه سيدعم وقفا فوريا لإطلاق النار في غزة، من شأنه أن يؤدي إلى إعادة إعمار القطاع، والالتزام بمتابعة عملية سلام، تستند إلى مبدأ حل الدولتين على الأراضي التي احتلتها إسرائيل خلال حرب يونيو/حزيران عام 1967.