منوعات نبض الأردن

“مرثية هيلبيلي” والابن البار للحلم الأميركي.. قصة فيلم مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس | فن

|

أعلن الرئيس السابق دونالد ترامب منذ أيام قليلة عن ترشيحه جي دي فانس في الانتخابات الرئاسية لمنصب نائب الرئيس، وعلى عكس السائد من بحث المهتمين على محركات البحث عن المرشح للمنصب، فقد قاموا بالبحث هذه المرة على منصة نتفليكس، حيث عُرض عام 2020 فيلم يتناول قصة طفولته وشبابه.

فيلم “مرثية هيلبيلي” (Hillbilly Elegy) مقتبس من كتاب يحمل الاسم نفسه ألفه جي دي فانس، وأخرجه رون هوارد، ومن بطولة إيمي آدمز وغلين كلوز، وترشح لجائزتي أوسكار، ويعكس العمل ماضي المرشح كما كتبه بنفسه.

قصة ابن الجنوب الأميركي الذهبي

يبدأ “مرثية هيلبيلي” في مدينة صغيرة بالجنوب الأميركي، حيث نتعرف على عائلة بسيطة تبدو متماسكة من الخارج، ولكن بمضي الدقائق الأولى من الفيلم ينكشف التفسخ أسفل هذا المظهر البراق، فالبطل جي دي فانس مراهق وابن لأم عزباء وله أخت وحيدة، ويعيش في منزل على مقربة من جده وجدته لأمه الذي يعيش كل منهما في بيت منفصل، ولكن المنازل الثلاثة تقبع في الشارع نفسه.

إقرأ أيضا:جوجل تُطلق تحديث Gemini 2.5 Flash بميزات جديدة في I/O 2025

تقفز الأحداث أكثر من 10 سنوات إلى المستقبل، لنشاهد الشخصية الرئيسية شابا يعمل في 3 مهن متواضعة، ليغطي مصاريف دراسته في إحدى أرفع جامعات الولايات المتحدة مقاما وعلى وشك الالتحاق بوظيفة بمكتب محاماة حتى يعينه أجرها على إكمال دراسته، فقط لو استطاع المنافسة واقتناصها من بين عشرات المتقدمين الآخرين الذين يتفوق عليه بعضهم بخلفيتهم العائلية الراقية.

تسحق أحلام جي دي مكالمة هاتفية من أخته الكبرى تخبره أن والدته نزيلة المستشفى بعد تعاطيها جرعة زائدة من المخدرات، ليصطدم الماضي بالحاضر، وعبر تقنية الفلاش باك يستحضر البطل طفولته خلال رحلته للعودة لمدينته الصغيرة ويكون عليه الاختيار بين إنقاذ أمه أو مستقبله.

يقدم فيلم “مرثية هيلبيلي” قصة تنتمي إلى سردية الحلم الأميركي التي تَعِد كل مواطن أميركي بإمكانية تحقيق الازدهار والرخاء فقط بالعمل الجاد والدؤوب، فنجد أن جي دي المراهق ينمو في بيئة معادية بين أم مُعَنِفة سريعة الغضب ومدمنة تتنقل بين العلاقات العاطفية والزوجية بسرعة تجعل ابنيها غير قادرين على الانتماء لمنزل واحد أكثر من شهور معدودة، فينخرط المراهق مع أصدقاء سيئين بالتبعية نتيجة لهذا المنزل غير المستقر وذلك حتى تقرر جدته إنقاذه من المستقبل المنذر بالفشل.

ومن هنا يبدأ الحلم الأميركي، فالجدة رغم فقرها تقرر تربية حفيدها في منزلها، وتقدم له أقصى عناية ممكنة، الأمر الذي يحفزه لتحسين حياته، فيصبح طالبا مدرسيا متفوقا، ثم يتطوع في الجيش الأميركي ليجمع مالا كافيا لدخوله الجامعة، حتى النقطة التي تبدأ وتنتهي عندها أحداث الفيلم وهو يباشر مسيرته كمحام معاون، المسيرة التي تقوده اليوم ليصبح مرشحا لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة فيتحقق الحلم الأميركي كما تم الترويج له لسنوات.

إقرأ أيضا:Trevor Lawrance to Throw for Teams Sooner Than Expected

تمثيل ممتاز في قصة نمطية

ما يميز قصة جي دي فانس لدرجة جعلها تستحق تأليفها في كتاب ثم تجسيدها في فيلم هو التركيز على أسطورة النجاح من قلب الفشل، فلو لم تكن أمه مدمنة مخدرات، وهو ابن لأسرة معنفة لعدة أجيال وفقيرة لأجيال أطول لما كان الأمر يستحق كل هذا الاهتمام.

فوضع الفيلم اهتمامه الأكبر على تصوير العائلة الأميركية الجنوبية الفقيرة، فتحول إلى فصل تلو الآخر، من الجدة التي لا تتوقف عن التدخين إلى الأم المدمنة والأخت التي تنخرط في علاقة مبكرة وبالتالي تصبح أما لـ3 أطفال وهي لم تزل شابة وتعمل في مهنة متواضعة لتعين زوجها على إعالة عائلتها، وفي ظل كل هذا القبح يظهر الفصل الأكبر وهو قدرة العائلة على تجاوز كل هذا التاريخ المؤلم فقط بسبب رابطة الدم وليس أكثر، وهي القيم التي يتبناها الحزب الجمهوري ومؤيدوه دون اهتمام حقيقي بحل مشاكل فقراء الجنوب الأميركي.

دار الفيلم كذلك في حلقة مفرغة، فهو ليس إلا استعراض مستمر لمدى سوء حالة الأم وتأثيرها السلبي على أبنائها، وكيف هم مخلصون لها رغم كل شيء، تلك الحلقة التي كانت من الممكن أن تستمر لساعات طويلة لو لم يحكمها مدة الفيلم، فانكسرت في النهاية عندما قرر جي دي أنه بحاجة للتخلي عن الأم لتحسين حياته لتتحسن حياتها بالتبعية، ويصبح الفيلم فرصة مهدرة للاشتباك مع تعامل الأبناء في الأسر المسيئة إلى الوالدين وكيف يتحررون ويتحسنون في ظل هذه العلاقات.

إقرأ أيضا:دليلك إلى طاجيكستان: رحلة سياحية عبر التاريخ وتقاليد نابضة بالحياة | أسلوب حياة

وعانى الفيلم كذلك من التفكك نتيجة الانتقالات المستمرة بين الماضي والحاضر، التي غاب عنها الرابط في بعض الأحيان، أو كانت سريعة للغاية في أحيان أخرى، هذا بالإضافة إلى الشخصيات الأحادية المسطحة مثل الحبيبة أشا التي لا تمثل سوى مصدر دعم دائم لجي دي، أو الأخت لينزي التي تفعل معه المثل في بلدته الأم.

على الجانب الآخر تمثلت نقطة النور في الأداء التمثيلي لكل من إيمي آدمز في دور الأم بيفرلي، وغلين كلوز في دور الجدة، فكلتاهما قدمتا مشاهد شديدة الصدق والحميمية في ظل نَص سينمائي لم يقدم لهما الكثير من التفاصيل الحقيقية، بالإضافة إلى المكياج سواء من حيث تغيير شكل الممثلتين ليقتربا من شكل الشخصيتين الحقيقيتين، أو إظهار التغيرات الحادثة لكل منهما مع مضي العمر.

فيلم “مرثية هيلبيلي” يقدم قصة جي دي فانس المرشح الرئاسي لمنصب النائب للرئيس السابق ترامب، وهو عمل يُرضي مؤيدي الحزب الجمهوري غير أنه لن يُرضي محبي السينما بالدرجة ذاتها.

الصحيفة العربية الأردنية

السابق
غادي آيزنكوت.. مهندس عقيدة التدمير والعقاب الجماعي في جيش الاحتلال | سياسة
التالي
العجارمة يعود عن استقالته ويكتب ( كلي فخر بإرادة وقيادته ومؤسسيته )