[ad_1]
#فاتورة_الكهرباء_المرتبطة_بالزمن بين #المزود و #دافع_الثمن
أ.د. #محمد_حسن_الزعبي
لا يخفى على أحد حجم المعاناة التي يعيشها المواطن الأردني البسيط لتوفير متطلبات حياته اليومية ومنها فاتورة الكهرباء التي تثقل كاهله يوما بعد يوم. وكلما حاول التكيف مع متغيرات هذه الفاتورة تبشره شركات الكهرباء بتعرفة كهربائية جديدة فيعيش حالة من عدم الاستقرار تهز ميزانيته الشهرية وتعبث بأولويات النفقات لديه فلا يعرف من أي مصدر سيسدد به عجزه المالي ومن أي بنك سيقترض. ومما زاد القلق في أوساط الناس في الآونة الأخيرة ما يسمعونه من أخبار جديدة ومصطلحات غريبة تتناقلها وسائل الإعلام عن تعديل في التعرفة وارتباطها بالزمن فلا يعلم كيف يفسرها ولا يحسن فهم مصطلحاتها التي يطلقها ضيوف الفضائيات ويتلاعب بتفسيرها من يسمونهم “خبراء الطاقة” على الاذاعات. من هذا المنطلق أحببت أن ألقي الضوء على هذه المشكلة مع علمي التام أن القرارات التي صدرت بهذا الخصوص لم تأخذ مجراها الصحيح دراسة وتمحيصا ولم يؤخذ رأي الناس بها وأن أثرها السلبي لن يقتصر فقط على ارهاق المواطن ماديا” وإنما سيشكل تحديا” اجتماعيا” للبرنامج الحياتي للمواطن كما سنرى لاحقا”.
عالميا”، تحاول شركات توزيع الكهرباء تقديم مفهوم التعرفة المرتبطة بالزمن ( Time of use Tariff) والذي يعني تغير سعر الكهرباء مع الوقت خلال اليوم لغايات فنية واقتصادية تتعلق بوثوقية واستقرارية النظام الكهربائيتوليدا” ونقلا” وتوزيعا” . فلقد تم السير بهذا النهج أصلا” لتشجيع المشتركين على الاستهلاك الليلي والذي تباع فيه الكهرباء بسعر أرخص من السعر النهاري الذي يتميز بوجود حركة تجارية وصناعية لجميع مرافق الحياة ويكون الطلب فيه على الكهرباء في ذروته. ولهذا تعمد شركات توزيع الكهرباء على تبني تعرفة كهربائية عالية في هذه الساعات لأنها مضطرة لتأمين كميات كبيرة من الكهرباء لمشتركيها. وللتخفيف على المشتركين تتغير ساعات الذروة في الدول المتقدمة حسب نوع العداد والشركة المزودة للكهرباء وفصول السنة وغيرها من العوامل المدروسة مسبقا”. يغلب تطبيق هذا النظام في الدول التي تتعامل مع الطاقة الكهربائية كسلعة متغيرة الثمن في اليوم والشهر والسنة ولهذا يسهل على المواطن اختيار الأوقات التي تناسبه للاستهلاك.
لم تتبنى الدول التعرفة المرتبطة بالزمن إلا بعد أن أدركت فائدتها المشتركة لكلا الطرفين: النظام الكهربائي والمشتركين. لقد أثبتت الدراسات أن المواءمة بين فترات استهلاك المشتركين والتشغيل الاقتصادي للنظام الكهربائي هو الضامن الوحيد لتحقيق الفائدة للطرفين. بالمقابل، فإن التباين بين فترات استهلاك المشتركين والتشغيل الاقتصادي للنظام الكهربائي يرفع تكلفة انتاج الكهرباء ويؤدي إلى مزيد من الخسائر. ولهذا لا بد من توضيح تأثير معاملي الحمل والتنوع الكهربائي( Load and diversity factors )على تكلفة انتاج الكهرباء. إن جميع فئات المستهلكين الذين سيشملهم تغيير التعرفه لا يقعون ضمن مجموعة واحدة بل ضمن مجموعات فرعية لهم قاسم مشترك. الدراسات في علم التوزيع الكهربائي لا تتعامل مع الفئات العريضة من المشتركين بنفس السياسة بل بمنهجية مختلفة تراعي كل مجموعة من المستهلكين. إن علم التوزيع الكهربائي لا ينظر مثلا” إلى القطاع التجاري بمنظار واحد فهناك عشرات المجموعات الفرعية من القطاع التجاري التي لها خصوصيتها والتي إن أخذت كفئة واحدة ستؤدي الى خسارة كبرى.
كلما زادت قيمة معامل الحمل كلما قلت تكلفة انتاج الطاقة الكهربائية من محطات التوليد لأن المولدات الكهربائية يتم تشغيلها أطول فترة ممكنة. أما تأثير معامل التنوع الكهربائي فيظهر من خلال تقليل الحمل الأقصى والذي بدوره ينزل من تكلفة محطة التوليد وتكلفة الطاقة المولدة. لذا فإن دراسة العلاقة بين نمط الاستهلاك والتوليد قضية في غاية الأهمية لتحقيق المصلحة المشتركة بين المستهلكين والموردين. من هنا دعونا نقرأ التعديلات التي طرأت على التعرفة ومدى توافقها مع نمط الاستهلاك للمشتركين الذين شملهم هذا التغيير.
يلاحظ من الجدول أعلاه أن استحداث فترات الذروة الرئيسية والجزئية وخارج الذروة له تأثير جيد في الفترة النهارية للصناعات المذكورة أعلاه ولكنهذه الاحمال لا تشكل أكثر من 15% من الحمل اليومي للنظام الكهربائي أما شحن المركبات فقد تلقى الضربة الكبرى بزيادة كبيرة في تعرفة الذروة لا سيما المركبات التي يتم شحنها في البيوت وهذا سيكون في صالح محطات الشحن التي ستستقطب مركبات التطبيقات وسترفع بدورها ما تتلقاه من سائقي المركبات من رسوم على الشحن. أما من ناحية توزيع الحمل الأقصى على الشبكة فلن يجدي تغيير التعرفة نفعا” لأن معظم فترات الشحن مسائية حيث التعرفة الأعلى. أما بالنسبة لقطاع ضخ المياه والذي يشكل من 14% إلى 17% من الحمل اليومي للنظام الكهربائي فلن يستفيد من تعديلات التعرفة ولن يفيد الشبكة في توزيع الحمل الكهربائي وتشغيل المولدات أطول فترة ممكنة وذلك لأن توزيع المياه على المناطق له اعتبارات أخرى تتعلق بالموسم المطري وجدول الضخ الذي يتعدل بين فترة وأخرى.
أما فيما يتعلق بالأحمال المنزلية والتي تشكل النسبة الأعلى من الحمل اليومي للشبكة الكهربائية والذي يتجاوز 45% فلم يدخل في التعديلات إلى حد الآن وسيكون المعضلة الأكبر لتباين نمط الاستهلاك بين فئة سكانية وغيرها ووجود الطاقة المتجددة بشكل واضح في كثير من المناطق. ستتداخل تأثيرات تعديل التعرفة لشحن المركبات المنزلية مع قضايا سكانية لا سيما في البنايات ذات الشقق السكنية في المدن الكبرى مثل العاصمة عمان واربد والزرقاء.
وفي الختام أوجه النصح للمسؤولين عن قطاع الطاقة بإعادة النظر في التفاصيل الدقيقة لتعديلات التعرفة وعدم اقحام المواطنين بتعقيدات فنية ومالية واعتماد فترة تجريبية ومن ثم عمل تغذية راجعة لأثر هذه التعديلات قبل اعتمادها اعتمادا” كاملا”. إن الدول التي سبقتنا في هذا المجال قد عملت دراسات معمقة في هذا الموضوع وخلصت الى نتائج قيمة يمكن الاستفادة منها.
والله من وراء القصد.
أ.د. محمد حسن الزعبي
0795632899
Source link