يتوقع خبراء بأن يظهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في خطابه الذي يعلن فيه قبوله الترشح رسميا عن الحزب الجمهوري كشخصية أكثر هدوءا وتواضعا في ظل تزايد الثقة لديه ولدى الحزب بقدرته على حسم السباق الرئاسي المقبل.
ومن المنتظر أن يختتم مؤتمر الحزب الجمهوري أعماله في ميلووكي بولاية ويسكنسن اليوم الجمعة (مساء الخميس بالتوقيت المحلي) بخطاب لترامب، يعلن فيه قبوله الترشح رسميا عن الحزب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ويرفع المؤتمر خلال يومه الأخير شعار “لنجعل أميركا عظيمة مجددا” .
وعلى الجانب الديمقراطي، تبدو الصورة أكثر تعقيدا بعدما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن إصابته بفيروس كورونا، في حين قال البيت الأبيض إنه يعاني أعراضا خفيفة وسيعزل نفسه في ولاية ديلاوير لكنه سيستمر في أداء جميع واجباته بالكامل خلال هذه الفترة.
وبينما أكدت حملة بايدن أنها لا تعمل على أي سيناريوهات لا يكون فيها الرئيس بايدن مرشحا للحزب، نقل موقع أكسيوس عن مصادر بالحزب الديمقراطي قولها إن بايدن استسلم سرا للضغوط المتزايدة واستطلاعات الرأي السيئة، مما يجعل من المستحيل مواصلة حملته.
ووفقا لمراسل الجزيرة فادي منصور، فإن ترامب الذي حين جاء لعالم السياسة زعزع أسس الحزب الجمهوري وتقاليد السياسة الأميركية، يبدو الآن أكثر هدوءا ورصانة خاصة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها منذ أيام.
ثقة في الحسم
وقال منصور، إن تقارير إعلامية تفيد بأن ترامب سيقدم خطابا أعيد كتاباته مرة أخرى بعد محاولة اغتياله الفاشلة، لافتا إلى أنه ينظر إلى هذا اليوم بأنه يوم تتويجه على رأس الهرم الحزبي وانطلاق مسيرته للبيت الأبيض، في ظل ثقة واضحة من قبل الحزب على قدرة ترامب على حسم هذه المعركة.
ويرجع منصور هذه الثقة إلى المتاعب التي ألمت بالرئيس الحالي والمرشح الديمقراطي جو بايدن وحملته الانتخابية، نتيجة المناظرة السيئة التي خاضها ضد ترامب، ومن ثم الضغوط الداخلية في حزبه، وأخيرا إصابته بكورونا وعزلته، بينما ترامب تسلط عليه الأضواء في هذه الليلة الختامية لمؤتمر الحزب الجمهوري.
الوضع السيئ الذي يعيشه بايدن يزداد -حسب مدير مكتب الجزيرة في واشنطن عبد الرحيم فقراء- بسبب تراكم الضغوط عليه سواء من طرف أعضاء ديمقراطيين في الكونغرس أو شخصيات بارزة من الحزب، ومنهم الرئيس السابق باراك أوباما، التي ترى ضرورة انسحابه وترك المنافسة لمرشح آخر.
ويشير فقراء إلى أن وسائل إعلام محلية تنقل عن مقربين لبايدن أنه استسلم للضغوط، وأن نهاية المطاف بالنسبة لترشيحه قد اقتربت، بينما لا تزال إدارة حملته تؤكد أنه يظل المرشح الوحيد في هذا الوقت لخوض غمار الانتخابات ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
ويواجه ترامب 6 قضايا أمام محاكم فدرالية ومحلية، معظمها لن تُحسم قبل موعد الانتخابات الرئاسية لكن القضايا، وحتى الإدانات التي صدرت في حقه، لا تشكل عائقا أمام ترشحه وحتى توليه السلطة إذا أعيد انتخابه.
ضحية النظام ومصلحه
ومعلقا على ذلك، يشير بيتر روف، الصحفي وكاتب العمود السياسي في مجلة نيوزويك، إلى أن القضية المتعلقة بالوثائق السرية لم تُعتمد لأن تعيين المحقق الخاص كان غير دستوري، كما أن القضية المتعلقة بسجلات أعمال ترامب قد تُرفض في الاستئناف لعدم التزام الحكام بالإجراءات القضائية المناسبة.
وذكر روف -خلال نافذة تقدمها الجزيرة من الولايات المتحدة- أن ترامب قلل من أهمية القضايا المرفوعة ضده وأنها ليست سوى محاولات من الحزب الديمقراطي وإدارة بايدن لإخراجه من السباق الرئاسي، مؤكدًا أنه يرى نفسه مدافعًا عن حقوق الشعب ويتعرض لهجوم من الطرف الآخر.
ولفت روف إلى أن ترامب الذي نظر إليه في انتخابات 2016، باعتباره المرشح الذي سيزعزع الأسس السياسية في واشنطن، بات يُنظر إليه الآن كخبير وقائد سيصلح الأمور، وأنه يقدم نفسه الآن بأنه ضحية النظام والقادر على إصلاحه.
وأكد أن حملة ترامب غير راضية عن ما يحدث في الحزب الديمقراطي، وأن ترامب يفضل بقاء بايدن في السباق لأنه يود الفوز ضد الشخص الذي ربح الانتخابات السابقة، مما يعكس غروره الشخصي.
وأشار روف إلى أن ترامب يراجع خطابه بعناية ليقدم نفسه بصورة جديدة وأكثر تواضعا بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها، لافتا إلى أن هذا الجهد في إعادة رسم صورة ترامب يتداخل مع موضوع بايدن، وما إذا كان سيبقى في السباق الرئاسي أم سيخرج منه.
يفضلون مرشحا آخر
بدوره، قال كريس لابتينا، المستشار السياسي في الحزب الديمقراطي، إن قيادة الحزب تعتقد أن أحد أمرين سيحدث: إما أن يتنحى بايدن وتصبح نائبته كامالا هاريس المرشحة للرئاسة لصعوبة اختيار مرشح آخر، أو يبقى بايدن في السباق ويخسر بفارق كبير أمام ترامب.
وأضاف لابتينا أن الاعتقاد السائد هو أن بايدن يجب عليه أن يقوم بحملته الانتخابية كما يفعل المرشحون الآخرون، لكن الكثيرين يرون أن أي مرشح آخر يمكنه القيام بذلك بشكل أفضل منه ومن ثم يرون ضرورة انسحابه.
وأوضح أن استطلاعات الرأي لا تشير إلى أي شخصية ديمقراطية تستطيع الفوز بشكل كبير على ترامب، مضيفا بأنه إذا قدم ترامب نفسه بصورة جديدة وأصبح أكثر تواضعًا، فإن هذا قد يكون مؤشرًا لكثير من الديمقراطيين على أن السباق الرئاسي قد انتهى لصالح الجمهوريين، ما قد يدفعهم للتخلص من بايدن بسرعة أكبر.
من جانبه، يشير الدكتور روبنسون وودورد، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة هاورد، إلى أن أميركا تواجه وضعا انتخابيا غير معتاد مع مواجهة انتخابية ثانية بين المرشحين، وهو أمر نادر، مشيرا إلى حادثة مشابهة وقعت عام 1912 مع تيدي روزفلت.
وأوضح أن هناك انقساما بنسبة 50% بين الديمقراطيين والجمهوريين، مع عدد قليل من المترددين، معتبرا أن أحداثا مثل محاولة الاغتيال وإصابة بايدن بكوفيد من غير المرجح أن تغير بشكل كبير في هذه المعطيات.
وأضاف أن الحزب الجمهوري متكتل حول الرئيس السابق ترامب، مما يشكل تحديًا للديمقراطيين، في الوقت الذي لا يزال السؤال واردا عما إذا كانت القيادة الديمقراطية ستجمع على اختيار هاريس أو ستستمر في ترشيح بايدن.