غير مصنف

جدل في مصر حول لجنة “تصفية الأصول” والمخاوف تمتد لقناة السويس | اقتصاد

|

القاهرة- كشفت وثيقة برنامج عمل الحكومة المصرية الجديدة -خلال الأعوام المالية الثلاثة المقبلة- عن تشكيل ما تسمى لجنة “تصفية الأصول” بهدف تحقيق عوائد مالية للخزينة العامة من خلال بيع الأصول المملوكة للدولة.

وهذه اللجنة الجديدة تبدو مختلفة تماما عن برنامج “الطروحات الحكومية” الذي تعهدت فيه الحكومة بطرح حصص في 32 شركة (حكومية) للبيع وتشمل عمليات البيع 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا.

ويأتي قرار تشكيل لجنة “تصفية الأصول” ضمن مجموعة من الإجراءات الاقتصادية التي تهدف لتعزيز الموارد المالية، لكنه يثير العديد من التساؤلات والمخاوف حول مستقبل هذه الأصول وتبعات بيعها على الاقتصاد والمجتمع.

ياسر سليم - أسهم من الشركة الشرقية بيعت بأقل من ثمنها لإماراتيين وسعوديين ـ تصوير خاص للمقر الرئيس للشركةالشرقية للدخان ـ القاهرة - أصول الشركات المصرية للبيع سداداً للديون ووأداً للتنمية
العديد من التساؤلات والمخاوف تطرح حول مستقبل الأصول وتبعات بيعها على الاقتصاد والمجتمع المصري (الجزيرة)

وتمتد وثيقة برنامج عمل الحكومة المصرية، التي تداولتها مواقع محلية، من 2024-2025 حتى 2026-2027، ومن بين مستهدفاتها:

  • إنشاء لجنة “تصفية الأصول” بهدف تحقيق 20 – 25 مليار جنيه سنويًا للخزينة من عائدات التخارج خلال الأعوام المقبلة.
  • تحويل نسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي من عائدات التخارج إلى الموازنة لخفض دين أجهزة الموازنة.

وتتزامن هذه الخطوة مع جهود الدولة للانتقال من أحياء القاهرة العتيقة والمزدحمة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، ومحاولة استغلال الأصول الحيوية والقديمة، مما يضيف بعدًا آخر لمناقشة الأصول المستهدفة، بما فيها أصول إستراتيجية مثل قناة السويس.

لكن الحكومة المصرية نفت، السبت الماضي، مقطعا صوتيا يتحدث عن اعتزامها بيع قناة السويس مقابل تريليون دولار، في أعقاب الإعلان عن تشكيل اللجنة ووصفته بـ”المفبرك”.

وقالت في بيان رسمي إن قناة السويس ستظل مملوكة بالكامل للدولة وتخضع لسيادتها، سواء في إدارتها أو تشغيلها أو صيانتها.

كما أثار القرار العديد من التساؤلات وردود فعل واسعة في ظل التدفقات المالية الكبيرة التي تلقتها مصر مؤخرًا، ومنها:

  • تدفقات مالية بقيمة 60 مليار دولار بعد صفقة رأس الحكمة والتمويلات الدولية.
  • اتفاقيات استثمارية بقيمة 70 مليار يورو مع الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر الجاري.

كما طرح هذا القرار سؤال “هل يمثل بيع الأصول الحل الأمثل لإنعاش الاقتصاد المصري أم يشكل مخاطر على مستقبل البلاد؟”.

ما الفرق بين برنامج الطروحات ولجنة “تصفية الأصول”؟

يعتقد الخبير الاقتصادي والمسؤول السابق بوزارة الصناعة والتجارة عبد النبي عبد المطلب أن قرار تشكيل لجنة تصفية أصول الدولة مرتبط بقرار الحكومة السابق بإنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة وأصولها، والتعرف على أوضاعها المختلفة بهدف زيادة موارد الدولة ودعم القطاع الخاص، ولا علاقة له ببرنامج الطروحات الحكومية.

قناة السويس / المصدر المكتب الإعلامي لقناة السويس
الحكومة المصرية نفت مقطعا صوتيا يتحدث عن اعتزامها بيع قناة السويس عقب الإعلان عن تشكيل اللجنة (المكتب الإعلامي للقناة)

وانتقد -في حديثه للجزيرة نت- مسمى “تصفية أصول الدولة” لأن القرار لم يحدد نوع الأصول، وبالتالي يمكن أن يمتد التفكير إلى أي أصل مثل الموانئ البحرية والجوية وجميع المشروعات الزراعية والصناعية أو حتى قناة السويس وغيرها، ومن هنا كان يجب أن يكون القرار أكثر وضوحا حتى يزيل أي لبس.

وأعرب عبد المطلب عن اعتقاده بأن يكون الأمر مختلفا عن برنامج الطروحات وبكونه مرتبطا بالتصرف في المقرات الحكومية بالعاصمة القاهرة التي تمتلكها الدولة وقامت بإخلائها في إطار خططها للانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، والتي ستذهب عوائدها للخزانة العامة للدولة، وستكون تابعة لوزارة المالية.

وأكد أن مصر ماضية قدما في برنامج الطروحات لأنها مرتبطة بتعهدات دولية مع صندوق النقد الدولي في إطار برنامج زيادة قرض الصندوق الجديد إلى 8 مليارات دولار لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتصحيح الأخطاء في السياسات.

ووصف الخبير الاقتصادي تداعيات بيع وتصفية أصول وممتلكات الدولة مقابل عوائد مالية لمرة واحدة بأنه إهدار لحقوق الأجيال المقبلة في امتلاك أصول تضمن لها قدرا من السيطرة والاستقلالية (متوقعا) تداعيات اجتماعية في ظل ارتفاع نسبة الفقر وتدني الدخول والمعاشات للمواطنين.

عبد النبي عبد المطلب: تصفية أصول وممتلكات الدولة مقابل عوائد مالية لمرة واحدة إهدار لحقوق الأجيال المقبلة

هل تخلت الدولة عن مسؤوليتها تجاه المواطن؟

يؤكد الباحث في الاقتصاد السياسي، وائل جمال، وجود مشاكل جوهرية في برامج الحكومة الاقتصادية التي تعلنها سواء بالاتفاق مع صندوق النقد أو غيره “وتتمثل في غياب الشفافية، وعدم وضوح آليات تنفيذ هذه البرامج، مما يُثير قلق المواطنين ويُفقد الثقة بجدوى هذه البرامج الحكومية” وأضاف “ولا أعتقد أنها برامج وطنية”.

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن هناك أبعادا أخرى تتعلق بعوائد بيع الأصول المملوكة للمصريين، وتساءل: هل يعكس هذا القرار حاجة الدولة الماسة إلى سيولة نقدية رغم التدفقات المالية الكبيرة التي تلقتها مؤخرًا؟  ثم أجاب: نعم الفجوة التمويلية ضخمة، والتدفقات المالية لا تصل في يوم وليلة وإنما على دفعات.

كما طرح جمال -وقد شغل رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية- العديد من الأسئلة الأخرى:

  • ما هي الأصول المستهدفة بالتصفية؟
  • وهل تُستخدم في تمويل مشاريع تنموية جديدة أم تُوجه لسد العجز في الموازنة؟
  • هل هناك شفافية في كيفية استخدام هذه العوائد؟

وأجاب بالقول: بالطبع جزء منها يذهب لسداد أقساط الديون وفوائدها وزيادة حجم الاحتياطي النقدي، ولكن لا نعلم المزيد.

وعن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لبرنامج الطروحات أو تصفية الأصول على المواطنين، يعتقد جمال أن ذلك يعني تخلي الدولة عن مسؤولياتها تجاه الخدمات المقدمة للمواطن بأسعار مناسبة من جهة، وبيع الأصول والشركات القيمة للدولة مقابل الحصول على إيرادات لمرة واحدة بدلا من الاستفادة من الأرباح السنوية لتلك الأصول سواء كانت شركات أو مصانع أو بنوكا أو عقارات.

الصحيفة العربية الأردنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى