تحدث “ميديا بارت” عن تكثيف إسرائيل غاراتها الأيام الأخيرة على قطاع غزة، بدعوى استهداف اثنين من قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في وقت ظهر فيه تفاؤل حذر بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وأضاف الموقع إنه مما يثير مخاوف من أن الهدف الحقيقي لهذا التصعيد هو تخريب المفاوضات.
وذكر الموقع -في تقرير بقلم غوينايل لينوار- بالهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي يوم السبت على منطقة المواصي الساحلية جنوب قطاع غزة، مدعيا أنه استهدف اثنين من كبار قادة حماس، بينهما محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس.
ووصفت الكاتبة سحابة الغبار والرمل الهائلة التي اندفعت فجأة إلى السماء الزرقاء، مصحوبة بصرخات الخوف، في مشهد من الخيام والملاجئ والناس الهاربين المرعوبين في كل اتجاه، وقالت إن الصواريخ الأربعة الأولى كانت مجرد البداية و”أقام بعدها الجيش الإسرائيلي حلقة من النار حول المنطقة”.
وقال باسل الصوراني من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره قطاع غزة إن “الهجوم كان على عدة مراحل، وإن الاشتباكات بدأت حوالي الساعة 10:30 صباحا واستمرت ساعة ونصف الساعة، مستهدفة منطقة ذات كثافة سكانية عالية تضم مئات الخيام وآلاف النازحين.
وزعم الجيش الإسرائيلي أنه قصف “منطقة كان يختبئ فيها إرهابيان رفيعا المستوى من حماس وإرهابيون آخرون بين المدنيين” والمقصودان هما الضيف ورافع سلامة قائد كتائب عز الدين القسام في خان يونس، وقد أكدت إسرائيل مقتله، ولكن حماس قالت إن الضيف في وضع جيد.
ارتباك بشأن المفاوضات
وقال زامل خليل، وهو شاهد على الهجوم، إن المكان الذي قصفته الطائرات كان قبل الحرب منطقة زراعية وهو اليوم يعج بالخيام، وقد احترق العديد منها أو دُفن تحت الرمال والركام نتيجة ارتطام الصاروخ، ويوضح الصوراني أن “هذا المكان قد تم تعيينه منطقة إنسانية”.
وفي أول رد فعل دولي، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه “يجب احترام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك مبادئ التمييز والتناسب والحذر في الهجوم، في جميع الأوقات”.
وبلغت حصيلة المذبحة التي استمرت طوال عطلة نهاية الأسبوع ويوم السبت في قطاع غزة، 90 قتيلا و300 جريح، إضافة إلى عدد من المفقودين مدفونين في الرمال والأنقاض، وتلتها غارات أدت إلى قتل 20 مصليا في مسجد بمخيم الشاطئ و16 شخصًا شمال قطاع غزة، و17 شهيدا و70 جريحا في قصف مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وكانت المفاوضات قد استؤنفت الأسبوع الماضي في قطر، ولكن نقاط الخلاف ظلت على حالها “ولدينا انطباع -كما يقول مراقب مطلع على المفاوضات- بأننا ندور في حلقة مفرغة، فالخلافات الحقيقية تتعلق بمسألة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وطبيعة وقف إطلاق النار”.
وتريد حماس انسحابا كاملا ووقفا دائما لإطلاق النار، خشية أن تخسر كل شيء حين تعيد المحتجزين، فتستأنف إسرائيل هجماتها، في حين يرفض الإسرائيليون هذا المصطلح الوقف “الدائم” ويريدون بدلا منه مصطلح “الجهد” من أجل الوقف الكامل والدائم لإطلاق النار.
وتتركز المناقشات على الخطة التي قدمها الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية مايو/أيار، على 3 مراحل، تبدأ بمرحلة من 6 أسابيع، يوقف خلالها إطلاق النار، ويتم تبادل الأسرى الفلسطينيين مع النساء وكبار السن والمرضى الإسرائيليين، وينسحب الجيش الإسرائيلي من المناطق المأهولة بالسكان في قطاع غزة ويعود المدنيون إلى منازلهم.
وخلال المرحلة الثانية، يجب إطلاق سراح بقية المحتجزين والتفاوض على إنهاء دائم للأعمال العدائية. أما المرحلة الثالثة، فتتمثل في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار والبدء في إعادة إعمار القطاع الفلسطيني.
نسف المفاوضات
وكما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علنا في وثيقة من 4 نقاط بعنوان “مبادئ اتفاق لإطلاق المحتجزين” يجب أن تكون إسرائيل قادرة على استئناف هجومها عندما ترى ذلك ضروريا، ومنع حماس من الحصول على الأسلحة باستخدام ممر فيلادلفيا، أي السيطرة على المنطقة الحدودية مع مصر، ومنع أي عودة لعناصر حماس إلى شمال قطاع غزة.
وعلى مدى أكثر من أسبوع، تحدث رؤساء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن وجود فرصة فريدة للتوصل إلى اتفاق مع حماس “لكن نتنياهو -كما يقول المحلل عاموس هاريل في صحيفة هآرتس- يختار تشديد مواقفه العلنية في المفاوضات بطريقة من المرجح أن تخرجها عن مسارها”.
ومع ذلك، يبدو للكاتبة أن الأمور تتقدم، إذ قال بايدن الذي يحتاج إلى بعض الأخبار الجيدة إنه متفائل، موضحا أن هناك عملا يتعين القيام به، وأن الإطار الذي قدمه مقبول الآن من قبل إسرائيل وحماس، وأن فريقه “يحرز تقدما”.
أما على الجانب الفلسطيني، فإن الفرضية تحظى بالإجماع، ويقول أبي عبودي، رئيس منظمة بيسان غير الحكومية، إن “الجميع، جميع البلدان، يريدون وقف إطلاق النار باستثناء الحكومة الإسرائيلية وخاصة نتنياهو ووزرائه اليمينيين المتطرفين. إنهم يحاولون نسف المفاوضات بارتكاب كل هذه المجازر”.
وخلصت “ميديا بارت” إلى أن وجهة النظر هذه يتقاسمها بعض الإسرائيليين أيضا، فقد كتب تسفي بارئيل في صحيفة هآرتس معتقدا أن الضيف قد قُتل رغم أن ذلك غير مؤكد “لا أحد يستطيع أن يقول كيف سيؤثر اغتياله على اتفاق المحتجزين، ولذلك يمكننا أن نشك في أن فرصة قتل الضيف كانت لها الأسبقية على جميع الاعتبارات الأخرى، بما في ذلك الإضرار بالمفاوضات من أجل إطلاق سراح المحتجزين”.